Blog Archive

Wednesday, June 07, 2006

في الخطر النووي

في تاريخ حركتنا الوطنية صفحات من التاريخ المسكوت عنه و مما تم بْيعه في صفقة المكرمات المثلثة. من هذه الصفحات الناصعة تلك المتعلقة بمناهضة عسكرة منطقة الخليج العربي بضفتيْه بما في ذلك مناهضة الوجود العسكري الأميركي في شكل قواعدها الجاثمة على أراضينا ومياهنا و في شكل أساطيلها التي تتهدد إستقلال وإستقرار بلدان المنطقة و أمن شعوبها. ولقد كانت للجنة التضامن والسلم البحرانية دورها المبادر منذ منصف السبعينات في صياغة شعار "نحو تحويل منطقة المحيط الهندي و الخليج إلى منطقة خالية من السلاح النووي" الذي أصبح شعراً رئيسياً من شعارات حركتيْ السلم و التضامن العالميتيْن

وقتها كان ذلك الشعار يستند إلى ســلتيْن من الحجج. السلة الأولى تتضمن ما يشّكله وجود السلاح النووي الأجنبي في منطقتنا من مخاطر على سلم المنطقة و إستقلالها و أمنها و بيئتها و تتضمن السلة الثانية ما قد يتولد عن هذا الوجود من سباق تسلح نووي بين الدول الرئيسية في المنطقة مثل الهند وباكستان و إيران و العراق. و هو سباق يضيف بعداً إضافياً للهدر غير العقلاني الناجم عن سباق التسلح التقليدي بين هذه الدول

لقد تغيرت الأحوال عما كانت عليه في السبعينيات عندما صيغ شعار "نحو تحويل منطقة المحيط الهندي و الخليج إلى منطقة خالية من السلاح النووي" . فلقد كسرت كلٌ من الهند و الباكستان وإيران إحتكار التقنية النووية , و أصبحت منطقتنا محاطة بطوقٍ من المفاعلات النووية في إسرائيل من جهة والهند والباكستان وإيران من الجهة الأخرى , بالإضافة إلى عدد غير محدد من السفن الحربية الأميركية التي تحمل رؤوساً نووية أو التي تستخدم الوقود النووي

و لهذا إستبشرتُ بدعوة الدكتور أحمد العبيلي عل صفحات هذه الجريدة إلى إهتمام بحريني بعلوم الذرة و تقنياتها , لا بهدف التعاظم العسكري بل , حسب فهمي , لهدفين أولهما أن نتعلم أساليب السيطرة على ما يتولد وقد يتولد من مخاطر جراء الإنتشار النووي في منطقتنا , و ثانيهما أن تعلم أساليب الإستفادة من هذا المصدر الهام من مصادر الطاقة. وتبدو أهمية هذه الدعوة واضحة حين نعرف مدى ضحالة المعلومات المتوفرة لدى الأكاديميين و السياسيين و متخذي القرار في بلادنا

قبل مدة إستضاف مجلس النواب استاذ الفيزياء التطبيقية في جامعة البحرين الدكتور وهيب الناصر لإلقاء محاضرة حول المفاعل النووي الإيراني و ما قد يسببه من مخاطر. و يبدو إن المحاضر إستطاع أن يقنع عدداً من مستمعيه بما أدلى به به من أقوال غير متفق عليها من قبيل إن التقنية النويية في روسيا الآن لم تتقدم عما كانت عليه في عام 1977 او عام 1983. أو من قبيل النبوءة/الإنذار بأنه فيما لو حدث تسرب نووي من مفاعل بوشهر فليس لسكان البحرين " إلا العيش كلاجئين أقصى غرب المملكة العربية السعودية، وسوف لن نرجع إلى بلدنا إلا بعد 100 عام". للأسف لم أر فيما نشرته الصحف شيئاً يشير إلى الدراسات الميدانية او المختبرية و القياسات التي إعتمدها المحاضر. إلا إن ما قرأته في رسالة منشورة بقلم الإستاذ الناصر لا ينصفه بأي حال , إلا إنه إستطاع إقناع سامعيه. و لهذا رأينا رئيس مجلس النواب خليفة الظهراني يصرح في الندوة ذاتها: بأن البحرين التي يهمها استتباب الأمن وتوفير المناخ المناسب للاستقرار في منطقة الخليج العربي، تعارض انتشار الأسلحة النووية في المنطقة لما قد يسبب ذلك من كوارث كبيرة تضر بالإنسانية جمعاء. و هنا لا ألوم السيد الظهراني , الذي لا أعرف عنه إهتمامه بالفيزياء النووية أو بالعلوم الإستراتيجية , لأنه لم يرَ إلا جزءً صغيراً جداً من الصورة

نعم. تشكل المفاعلات النووية ,الإيرانية منها و الباكستانية و الهندية و الإسرائيلية, مصادر خطر حقيقي على المنطقة برمتها. ولكن الخطر نفسه كامنٌ في السفن الحربية وحاملات الطائرات الأميركية المحملة برؤوس نووية أو التي تستخدم الوقود النووي المتواجدة في موانئ الخليج و مياهه. فما الذي نستطيع أن نفعله لتحاشي هذه المخاطر كلها؟ ما االذي نستطيع ان نفعله فيما لو حدث تسرب نووي من مفاعل بوشهر او من مفاعل ديمونا ؟ ما الذي نستطيع أن نفعله فيما لو تسبب هجوم إسرائيلي أو أميركي في تدمير مفاعل بوشهرو تسريب الإشعاعات النووية منه ؟ ماذا نستطيع أن نفعل في حال قام الإيرانيون بتوجيه صواريخهم لتدمير واحدة أو أكثر من السفن الحربية النووية في موانئنا أو مياهنا؟ و ماذا نستطيع أن نفعل في حال أدى خللٌ تقني أو عمل إرهابي إلى حدوث تسرب نووي من إحدى حاملات الطائرات الأميركية في الجفير أو من إحدى الغواصات النووية في مياه بحر العرب؟ و ماذا و ماذا و ماذا

للإجابة علىهذه الأسئلة , و هي أسئلة تتعلق بحياة وموت هذا الجيل و أجيال قادمة , يتوجب البدء بإجراء دراسات ميدانية و مختبرية تعتمد على الصرامة البحثية بدلاً من ترويج الهذر الذي يستند على ما هو معروف لكل من يقرأ المقالات الخفيفة في الصحف الشعبية و لكل من يتابع التصريحات التهييجية التي تتدفق من مكاتب تلفيق المعلومات في إدارة بوش و مثيلاتها لدى إدارة بلير. و في آخر الأمر, قد تحتاج القوى السياسية الناشطة في المنطقة إلى إعادة الحياة إلى شعاراتها القديمة التي تطالب بإخلاء منطقة الشرق الأوسط برمتها , بما فيها الخليج العربي, من الأسلحة النووية

No comments: