Blog Archive

Wednesday, September 20, 2006

المـــــوروثُ مُعوقـــــاً ومُحِفّـــــزاً

يلعب الموروث البحريْني دوراً مزدوجاً. دوراً معوقاً لحركة المجتمع ودوراً محفزاً لها. هو في الوقت نفسه، باستعارة تعبيرٍ بليغٍ وَرَدَ في البيان، أفيونٌ كما هو زَفْرَةٌ تدفع الناس للبحث عن خلاص. إلا إن بلادنا لا تحتكر وحدها هذه الازدواجية، أو بالأحرى، هذا التناقض الداخلي في بنية الموروث. حال البحريْن في هذا كحال مجتمعات أكثر تطــــــــــوراً من مجتمعنا لكنها تعــــــاني ما نعانيه كمجتمع طبقي تتداخل فيـــــــه المعطيـــــــــات الإثنيــة مع الطبقية كما تتداخـــــــــــــل فيه انعكاسات القلق اليومي بما فيه القلـــــــق على لقمــــــــة العيش مع انعكاســـات القلق على المستقبل بل وعلى الوجـــود.ا
.
أحتاج هنا إلى الإشارة إلى إن التشديد على أهمية الموروث لا يعني، بطبيعة الحال، أنني أرى الموروث شيئا متكاملاً أو محدداً بذاته بحيث يمكن الاتفاق على مصادره ومكوناته. فمثل كثيرين من دارسي العلوم الاجتماعية أرى الموروث أمراً فضفاضاً لا وجود له ولا قيمة له بذاته سواء أتجسّد في شكل نصوص وسرديات أم في شكل رموز مرئية أو ملموسة أو مسموعة. فقيمته، في أي شكلٍ أتى، إنما تتحدد عبر مستخدميه وبفعل استدعائهم له ومنذ لحظة ذلك الاستدعاء. فالموروث لا يتجلّى كعنصر مستقلٍ بذاته، بل هو واحد من جملة مضامين الأيديولوجيا التي تمهد لها المعطيات الفعلية القائمة في مجتمع معين وفي حقبة تاريخية محددة. وهذا التجلي الأيديولوجي لا يتخذ شكلاً واحداً حتماً ولا يتحقق ‘’استجابة لقوانين عامة لحركة التاريخ’’، حسب تعابير ابتدعها منظرو الماركسية السوفياتية وأشاعها تلامذتهم وأتباع هؤلاء. ذلك لأن الاستعادة هي فعل قصدي يتطلب بالضرورة تأويل الموروث وإعادة تأويله أي تضمينه معاني بذاتها في كل مرة نستعيده فيها. لا تنحصر هذه الاستعادة التأويلية في النصوص وسرديات الأحداث بل تشمل كل ما في الموروث من رموز يمكن استدعاؤها. فقط بهذه الاستعادة القصدية التي تعيد صياغة الموروث في صورة مرويات متداولة يتحول إلى فاعلٍ اجتماعي ومؤثرٍ في الحراك السياسي الثقافي. ا
الحديث عن استعادة الموروث وإعادة تأويله يفتح الباب أمام مناقشة إشكالات ترتبط بدور التراتبية الاجتماعي .... البقية
.
مقال منشور في جريدة الوقت
بتاريخ 19 سبتمبر 2006

No comments: