Blog Archive

Tuesday, January 02, 2007

واحِدْ واحِدْ

في الأول من يناير 1965 إنطلقت أولى شرارات الثورة الفلسطينية التي فاجأت العالم و حفرت للعرب و الفلسطينيين طريقاً نحو تحرير الأرض و إستعادة الكرامة. و طوال أكثر من ربع قرن كان المرحوم ياسر عرفات يقف كل أول عام , و يقف معه من يروْن في فلسطين قضيتنا المركزية و إحدى أهم ساحات معاركنا مع الإمبريالية , لتحية شهداء المقاومة و لتجديد العهد
´.
منذ ذلك اليوم , و خاصة بعد هزيمة 1967, صار الأول من يناير يوماً خاصاً و كان رمزاً يفوق حركة فتح و يتعدى حدود فلسطين. كان الأول من يناير يوماً نحتفلُ فيه ليس بإنطلاقة فتح وحدها و لا بالعمل الفدائي المنظم وحده بل و أيضاً بإستعادة الأمل و عودة اليقين بأن شعوبنا, هي مثل بقية شعوب ألأخرى في هذا العالم , قادرة على المقاومة وعلى رفض إملاءات الأعداء حين تنتكس راياتنا أو حين ننهزم. ذاك كان زمنٌ لم يكن فيه الموالون لأميركا يتصدرون الساحات السياسية و الثقافية كما يفعل عربُ بوش هذه الأيام و لم يكن أحدٌ منهم يتجرأ كما يفعلون اليوم على إتهام المقاومة , بل وحتى من يناصرها, بالإنتماء إلى ما يسمونه بثقافة الموت. ذاك كان زمنٌ برزت فيه صورة الفدائي الفلسطيني , بعد هزيمة 1967, كما برزت صورة المقاوم اللبناني صيف هذا العام , تجسيداً ملموساً لأملٍ يتوجب تكريسه في قلوب الناس في بلداننا بان ثمة طريق آخر بإمكاننا أن نسلكه نحو مستقبل أفضل من المستقبل الذي تدفعنا نحوه أنظمتنا
.
بالنسبة لي , كما كان هو بالنسبة لبعض البحرينيين ممن فرضت ظروف النفي و سحب الجوازات عليهم الإقامة في بيروت طوال سنوات الحرب الأهلية اللبنانية , كان الأول من يناير جزءً مهماً من من روزنامتنا السنوية. ففيما عدا الإستعراضات العسكرية و مسيرات الشبيبة و الأشبال مما تُصاب كل عواصمنا في أعيادنا الوطنية , كان هناك المهرجان المركزي الذي يلقي فيه االمرحوم ياسر عرفات, قائد فتح و رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية كلمته التي يشدد فيها , عاماً بعد عام, على جوهر الأول من يناير بالنسبة له و لأغلب المناضلين الفلسطييين, و المتمثل في "ممارسة إستقلالية القرار الوطني الفلسطيني". لم يكن أبو عمار يتعب من تكرار هذه العبارة التي كادت , لولا تديّنه , أن تصبح هي البسملة التي يفتتح بها خطاباته في ذلك اليوم و غيره
.
كان سامعو المرحوم عرفات من الفلسطينيين , بشكل خاص , يعرفون مدلولات عبارة "إستقلالية القرار الوطني الفلسطيني" و معنى الدفاع عنها. فقبل 1/1/1965 كان الفلسطينيون ينتظرون الفرج القادم على أيدي الأنظمة العربية و جيوشها. و لم تكن أغلب هذه الأنظمة في عجلة من أمرها. بل و لقد رأيناهذه الأنظمة نفسها, عبر جامعة الدول العربية, تقوم بتأسيس منظمة التحرير الفلسطينية بهدف إحتواء العمل الساسي الفلسطيني و منع إنفلاته بعيداً عن سيطرتها. و لهذا لم تتوان جميع تلك الأنظمة و دون إستثناء عن إدانة إنطلاقة العمل الفدائي في 1/1/1965. و شارك في تلك الإدانة حتى رئيس منظمة التحرير الفلطسينية وقتها المرحوم أحمد الشقيري. إستخدم الناطقون بإسم تلك الأنظمة و طبّالو إعلامها كلمات و تركيبات لغوية تشابه ما سمعناه في الصيف الماضي في أثناء الحرب الإسرائلية على لبنان من قبيل "زج المنطقة في مغامرات غير محسوبة" و "إختطاف قرار الحرب و السلم" ناهيك عن "الأجندات المشبوهة" و غيرها مما سمعناه و ما نزال
.
و في 13 سبتمبر 1993 تم التوقيع على إتفاقيات أوسلو التي فاجأت العالم هي أيضاً و أعلنت للعرب عن وصول القيادة الفلسطينية إلى نهاية طريق مسدود. ما بين التاريخيْن , جرت أحداثٌ ُ و تغيرات كثيرة عصفت بالعالم و بمنطقتنا و بمنظمة التحريرالفلسكينية و بالمرحوم ياسر عرفات نفسه, وهي أحداثٌ ُ و تغيرات يراها محبو المرحوم الأخ أبو عمار , و أنا منهم, قد فرضت عليه فيما بعد الإصرار على خطأ أوسلو حتى بعد أن إنكشفت الخديعة في تلك المفاوضات و ما تمخض عنها من إتفاقيات معلنة و إلتزامات غير معلنة
.
بعد أن إنكشفت خديعة أوسلو و إنخراط قيادات فلسطينية فيها , بدت كل الأحاديث عن الدفاع عن إستقلاالية القرار الوطني الفلسطيني و حتى عن التحرير أو عن إستعادة الحقوق , مجرد ممارسات في البلاغة الكلامية. وحين قضى عرفات , شهيداً, فقدَت تلك الممارسات الكلامية حتى سحرها البلاغي. بعد خديعة أوسلو لم يعد للإحتفال بإنطلاقة الثورةالفلسطينية دلالاته الرمزية الثورية التي كانت له قبل أوسلو إلا في حدود إن بعضنا ما زال يعتبره يوماً نتوقف فيه لنتذكر بعض أحبائنا ممن إستشهدوا و هم يحلمون بما مازال بعضنا يحلم به. و هو بالفعل ما أشعر به من حزنٍ هذه الأيام التي تمر فيها الذكرى الواحدة و الأربعين, لذلك الحدث التاريخي
.
الأول من يناير العام 2007 هو يوم حزينٌ حقاً. و هو يومٌ أشعر فيه بمرارة خاصة يشوبها غضبٌٌ تسببه ما يتوارد من أخبار عن تنسيق إسرائلي/مصري/أميركي أسفر عن إدخال شحنة من الأسلحة مكونة من 2000 رشاش كلاشينكوف ومليوني رصاصة من مصر إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة. و هدف هذه الأسلحة على المعلن هو دعم أجهزة الأمن التابعة للرئيس الفلسطيني عباس. بينما الهدف غير المعلن فهو توفير العتاد اللازم لإشعال و إدامة حرب أهلية. و رغم إن مصادر الرئاسة الفلسطينية قد نفت هذه الأخبار إلا إن تأكيدها جاء من عدة مصادر أخرى. و جاءت أخبار هذا التنسيق التسليحي متزامنة مع ما نُشر عن مطالبة وزيرة الخارجية الأمريكية رايس لنائب رئيس الوزراء الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان بخنق حركة حماس ، ودعم الرئيس عباس. هو حقاً يومٌ حزين اليوم الذي تستطيع فيه رايس أن تصدر قراراً بأشعال حربٍ أهلية في فلسطين دون أن يحرك حاكمٍ عربي ساكناً
.
.

No comments: