Blog Archive

Tuesday, February 13, 2007

خبران اعتياديان

.
بدأتُ نهاري يوم السبت الماضي بقراءة خبر نشرته ‘’الوقت’’ يفيد بأن بيت التمويل الكويتي كان قد تبرع قبل خمسة أشهر بجهاز للكشف المبكر عن أمراض الجلد قدمه لوحدة الجلد في مستشفى السلمانية[1]. إلا أن الطاقم الطبي في وحدة الجلد من بينهم 12 طبيبا علاوة على عدد من المتدربين والفنيين الصحيين لم يتمكن حتى الآن من استخدام ذلك الجهاز المتقدم وذلك لعدم وجود جهاز كمبيوتر لتشغيله. الخبر لا يتحدث عن عيادة خاصة أو عيادة في مستوصف فرعي بل هو يتحدث عن ‘’الوحدة الرئيسة في المملكة التي تستقبل جميع حالات أمراض الجلد’’ وهي حالات تتراوح في كل أسبوع ما بين 75 إلى 100 حالة بما في ذلك حالات سرطان الجلد
.
وحسبما جاء في الخبر فإن الجهاز الذي تبلغ قيمته 50 ألف دولار أميركي يعمل على ‘’تشخيص الأورام عن طريق التصوير الرقمي بصور عالية الجودة، ويكتشف ما تحت طبقات الجلد من خلايا أو تغيرات غير طبيعية لا ترى بالعين المجردة، ويصعب اكتشافها بالوسائل الكشفية البسيطة’’. ولا يخفى أن تسريع الوصول إلى تشخيص المرض يعني، بالنسبة الى بعض المرضى، اكتشاف مرضهم في مراحله المبكرة وقبل استفحاله مما قد يسهم في إنقاذ حياتهم وتخفيف معاناتهم. وهو يعني أيضاً توفير وقت الطاقم الطبي ومهاراته التي يمكن أن تتوجه إلى مهمات ما بعد التشخيص
ز
وفي مكانٍ آخر من العدد نفسه، كتب محمد الصفار عن قيام عددٍ من المسنين بمناشدة ‘’الجهات الرسمية وأصحاب الأيادي البيضاء’’ للعمل على رفع معاناتهم الناجمة عن ضعف الدعم المادي والتبرعات التي تحصل عليها المؤسسة الخيرية التي تقدم الرعاية لهم[2]. وهذا الخبر أيضاً يصوّر مأساة من شقيْن، أخلاقي وجرمي. فها نحن نرى نساءً ورجالاً ممن خدموا الوطن ساهموا في تربية هذا الجيل يضطرون إلى الشكوى في الصحف من جيلٍ تلاهم وأنكر جميلهم فشّحّت تبرعاته لدارتهم. هذا هو الشق الأخلاقي من المأساة. أما حين يقوم هؤلاء المواطنون والمواطنات من كبار السن بمناشدة ‘’الجهات الرسمية’’ أن تنظر إلى حالهم، عندها تأخذ المأساة طابعا إجراميا وإن لم ينص عليها صراحة قانون العقوبات أو أي من القوانين السارية في بلادنا. فهذه الجهات الرسمية لم تقم بواجباتها كما يجب. وهي لم تعط الحقوق لأصحابها واكتفت بدورها الإداري المتمثل في متابعة الجهود الأهلية الخيرية كما هو حال وزارة التنمية الاجتماعية التي ارتضت على ما يبدو أن تحصر دورها في استلام ‘’التقريرين المالي والأدبي ومحاضر الاجتماعات" ا
وحيث إن غالبيتنا يرى أو يقرأ أو يسمع أو يعاني شخصياً من عشرات الأمثلة الشبيهة صارت هذه الأمور اعتيادية وصرنا لا نعيرها اهتماما. وهنا يكمن الخطر. فعلى رغم اعتيادية الخبريْن إلا أنهما يعرضان في طياتهما جريمتيْن مركبتيْن من الجرائم الكثيرة التي لا ينص قانون العقوبات صراحة عليها رغم خطورتها. ذلك لأن الجاني هو الدولة في الحالتيْن. لكن من يسأل ومن يحاسب؟ا
ا
ز
مقال منشور في الوقت بتاريخ 13 فبراير 2007
ز

No comments: