.
تبدو القصة لغير العارفين كأنها مسرحية هزلية نشاهدها للمرة الأولى رغم أن قصتها حقيقية وحزينة وقديمة. تبدأ المشاهد الأخيرة باحتجاج باحث أكاديمي على امتناع وزارة الإعلام عن الرد على طلبه التصريح له بطباعة كتابٍ سبق له أن نشره مسلسلاً في صحيفة محلية. ثم يُستبدل الوزير السابق بوزير جديد فيستبشر المتابعون وخصوصاً بعد أن حضر الوزير الجديد ندوة عامة ناقشت دور وزارته في الرقابة ومنع الكتب وبعد إعلانه أنه يعتبر نفسه ‘’في خندق واحد’’ مع نادر كاظم مؤلف الكتاب الممنوع
.
بعد هذا تأخذ الحوادث مساراً عبثياً. فتتالى المقالات التي تثمن ‘’الالتفاتات الايجابية التي دأب وزير الإعلام الجديد جهاد بوكمال على إرسالها للوسطيْن الإعلامي والثقافي في البحرين منذ أن تسلم منصبه الوزاري’’ بحسب ما كتب حسن مدن الذي أكد أيضاً أن ‘’من الخطأ تغليب الأهواء والأمزجة في الحكم على أعمال بحثية أو إبداعية، ولا يجب أن يكون معيار الرقيب هو اتفاقه أو اختلافه مع ما هو معروض عليه’’. لهذه الكلمات وزنها ليس فقط لأن قائلها هو رئيس جمعية سياسية معتبرة ونائب رئيس معهد التنمية السياسية في المملكة، بل أيضاً بسبب خبرته بدهاليز وزارة الإعلام بحكم موقعه الوظيفي فيها
.
لم يتغير شيء رغم ما أشاعه الوزير من تفاؤل. فالأمور أكثر تعقيداً مما تصور الوزير والمتفائلون من بين مرؤوسيه. فلو كان المطلوبُ بيتاً أو وظيفة لما تأخر فضلُ الوزير من دون حاجة إلى تزلّف أو تدلّل. إلا أن سياسة الدولة العليا ليست بهذا الهُون. وهي ما سُميت ‘’سياسة عليا’’ إلا لأنها فوق طاقة المواطنين العاديين حتى ولو كانوا وزراء. وضمن هذه ‘’السياسة العليا’’ تندرج حيثيات منع نشر الكتب والمقالات وحتى الكلمات المفردة. وحين يسمع الناس العاديون تعبير ‘’الأمر جاي من فوق’’ فهم يعرفون أنه ليس نتاج أهواء الموظفين وأمزجتهم حتى ولو حمل توقيع بعضهم
:
.
.
No comments:
Post a Comment