Blog Archive

Tuesday, September 23, 2008

خمسون فقط لا غير

.
تتحول «الواقعة التاريخية» إلى حقيقة عبر تأويلها. فالواقعة أو سلسلة الوقائع لا تعني شيئاً من دون قيامنا بإعطائها معنى محدداً عبر تأويلها وإعادة تأويلها.فلا يمكن اعتبار الواقعة التاريخية بحد ذاتها شيئاً متكاملاً وقائماً بذاته حتى ولو تم توثيقها في شكل نصوص وسرديات. فالوقائع تتحول إلى حقائق تاريخية يختلف الناس عليها عبر عمليات استعادة وتأويل وعبر إجابات أسئلة من قبيل: لماذا وقعت الواقعة؟ ومن هم أطرافها؟ وما هي تداعياتها المباشرة وغير المباشرة؟ بكلمة أخرى تتحول الواقعة إلى حقيقة تاريخية حين يقوم البشر باستعادتها وتأويلها وحين تؤثر تلك الاستعادة وذلك التأويل في أفعالهم التالية وفي مواقفهم وعلاقاتهم. ذلك لأن الاستعادة والتأويل فعلان قَصْدِيّان يضعان الواقعة في إطار محدد يقرر العبر التي يجب استخلاصها منها
.
لتوضيح ما أقصد سأكتفي بمثاليْن مع ملاحظة الفارق الكبير بينهما. أما المثال الأول فهو قديم وعام ويتعلق بما يعرف باجتماع «سقيفة بني ساعدة» الذي كاد أن يجهض ولادة دولة الخلافة الراشدة. فلا يختلف كثيرون حول وقوع ذلك الاجتماع قبل أربعة عشر قرناً. ولكن باحثاً مثل محمد عابد الجابري[1] يرى أن وقوع ذلك الاجتماع الذي حُسم فيه أمر الخلافة بمبايعة أبي بكر الصديق هو «الحقيقة التاريخية الوحيدة التي لا يتطرق الشك إليها فيما يخص ذلك الاجتماع». ويبقى الاختلاف كبيراً وفاعلاً إلى يومنا من جراء اختلاف أشكال استعادة تلك الواقعة وبشأن تأويلاتها وتداعيات تلك لتأويلات. هل كان اجتماع السقيفة اجتهاداً في مقابل نصٍ مقطوعٍ بصحته؟ أم كان تطبيقاً للشورى بين المسلمين الأوائل؟ ا
.
أما المثال الثاني فهو «شخصي» ويتعلق بنقاشٍ دار عن «رسالة» حاول عددٌ من المناضلين البحرينيين توصيلها عبر وسطاء إلى الملك الراحل فهد بن عبدالعزيز طالبين تدخله لدى أهل الحكم في البحرين. لا أحد ينفي الواقعة نفسها. بل يتمحور الاعتراض على توصيفي تلك الرسالة بأنها «استرحامية». ودار اعتراض آخر على عدم إشارتي لحالة الضنك والملاحقة الأمنية التي كان يعيش في ظلها المناضلون ممن وقّعوا تلك الرسالة. ويرتبط بهذين الاعتراضين، اعتراضٌ ثالث بشأن إدعائي بأن صياغة تلك الرسالة تعكس عقلية اليأس التي سادت قبل تدشين العريضة الشعبية في 1994.ا
وهي العقلية ذاتها التي أدعي أنها بررت بعض ممارسات المعارضة بعد الاستفتاء على ميثاق العمل الوطني
.
.
لقراءة بقية المقال أنقر هنا
.
.

No comments: