أكتب هذه الكلمات صباح الأحد، السابع من ديسمبر/ كانون أول، بعد أن قرأت ما كتبه مشكوراً أخونا أحمد البوسطة عن هذا اليوم في الذاكرة الوطنية . ففي مثل هذا اليوم من العام ,1973 جرت أول انتخابات تشريعية في البحرين. وهو نفس اليوم الذي أعلنته بعض المنظمات الدولية يوماً للتضامن العالمي مع شعب البحرين. ومن بين عشرات الناس ممن يجب الاحتفال بهم في هذا اليوم يبرز اسما علي دويغر ومحمد حسين نصر الله. وهذان، لمن لا يعرف، مناضلان يمتد تاريخهما النضالي دون انقطاع لأكثر من خمسين سنة. وللأول علاقة مباشرة بما تحقق في يوم الانتخابات. وللثاني يعود فضل تخصيص يومٍ للتضامن مع شعب البحرين. وفوق ذلك فلقد كان محمد حسين في منتصف الثمانينات أحد مرشحيْن اثنين لمنصب أول أمين عام في جبهة التحرير الوطني
.
في مثل هذا اليوم قبل خمس وثلاثين سنة خطا شعب البحرين خطوة صغيرة ولكنها مهمة في اتجاه بناء الدولة الدستورية. ومعلومٌ أن التصويت في ذلك اليوم أسفر عن فوْز ثمانية من اثني عشر مترشحا على قائمة ''كتلة الشعب''. ولا شك لديّ أن ذلك النجاح كان حدثاً تاريخياً في ذاته. فلم تكن ''كتلة الشعب'' مجرد تجمع انتخابي بل كانت تركيبتها تعكس نتاج التطور السياسي والاجتماعي الذي مرت به بلادنا منذ منتصف الخمسينات. فلقد تشكلت الكتلة من أعضاء معروفين وغير معروفين من مختلف ألوان الطيف الوطني، ففيهم الشيوعي والقومي والبعثي والمستقل. كما كان من بينهم المتديِّن وغير المتديِّن. ولقد استوعبت السلطة خطورة هذا الخليط ومدى جاذبيته للناس. ولعل في هذا بعض ما يفسر كثرة الجهود التي بذلتها السلطة لمنع قيام الكتلة ثم لعرقلة تواصل مرشحيها مع الناس. لا شك أن كثيرين سيحتفون بتلك المحطة البارزة في مسيرتنا الوطنية. ولا شك أن كثيرين سيروْن فيها تأكيداً آخر على أن الناس في بلادنا، حالهم في ذلك مثل حال الناس في كل مكان، يلتفون حول من يتوسمون فيه الإصرار على الدفاع عن حقوقهم. ولولا ثقة الناس بإصرار مرشحي الكتلة لما استطاع واحدٌ منهم، ناهيك عن ثمانية، الوصول إلى البرلمان. ا
.
نعمْ لقد دار وقتها جدلٌ محتدم حول جدوى المقاطعة والمشاركة. إلا أن أحداً لم يطرح أن تكون كتلة الشعب مصباحاً يضيء حتى يرى الناس ''نصف كأس السلطة المليان''. ولم تقبض الكتلةُ أموالاً سراً أو جهراً. ولم تضع نفسها مدافعة عن السلطة في وجه انتقادات الآخرين. بل طرحت الكتلة نفسها كجزء صغير من معارضة تقودها قوى وطنية تمارس أنشطتها بين الناس، في الشارع وفي مواقع العمل. من جهة أخرى لم يكن الفائزون من الكتلة ينافسون أناساً من عامة الناس بل كان بعض المنافسين قامات تاريخية مثل المرحوم عبدالعزيز الشملان. وكان بين المنافسين أصحاب مؤسسات إعلامية كان لهم دور وطني عندما كانوا شباباً. علاوة على ذلك لم يكن مرشحو كتلة الشعب يواجهون المترشحين الآخرين فحسب بل كانوا يواجهون أيضاً آلة السلطة الإعلامية وترسانة قوانينها. فبفضل تلك القوانين مُنعت كتلة الشعب من مخاطبة الناس بل ومُنعت حتى من طباعة برنامجها لولا أن نشرته مجلة ''الطليعة'' الكويتية لتتناقله الناس في البحرين مستنسخا
.
.
.
المقال منشور في الوقت بتاريخ 9 ديسمبر 2008
.
.
No comments:
Post a Comment