نشرت صحفٌ محلية مقالاً بدون توقيع بعنوان ''التحريض'' ضمن سلسلة مقالات لإدارة الثقافة الأمنية في وزارة الداخلية[1]. يستحق المقال الاهتمام لعدة أسباب ليس أقلها تزامنه مع أخبار القضية المثارة حول اتهام أخينا عبدالهادي الخواجة بالتحريض على كراهية النظام. يبدأ المقال بتعريف فعل ''التحريض'' كما يفهمه الأمنيون. وهو تعريف تعميمي و فضفاض لا يتوافق مع فهم اجتماعي وسياسي لفعل التحريض[2]. بل أشك في إنه يصمد في مناقشة متكافئة مع قانونيين
رغم اختلافي مع ما جاء فيه فإنني أرى المقالَ مهماً لأنه يفصح عن نهج شائع بين طرف مهم من أطراف مجتمعنا. يعرِّف المقال ''التحريض'' بأنه ''خلق فكرة الجريمة وخلق التصميم عليها في نفس الجاني بأي وسيلة كانت''. مثل كل التعاريف غير العلمية فهو تعريف فضفاض وتعميمي يمكن أن يحوِّل عدداً من أنشطتنا اليومية الاعتيادية إلى جرائم رغم أننا نقوم بها بحسن نية. لنفترض أن صحفيةً كتبت مقالاً فضحت فيه فساد مسؤول في مؤسسة عامة أو دائرة حكومية. ولنفترض
أن شخصاً مجهولاً قرأ ذلك المقال فانتابه الغضب أو الضيق فقام بكسر نافذة بيت ذلك المسؤول ولنفترض أن الشخص نفسه أو شخصاً آخرا أرسل إلى ذلك المسؤول رسالة يشتمه فيها. عندها ستكون الصحفية حسب قانون العقوبات البحريني شريكة في الجريمتيْن باعتبارها محرضة رغم أنها لم تقم إلا بواجبها المهني. بل إن قانون العقوبات البحريني يتشدد في تجريمها كمحرضة حتى ولوْ لم يترتب ما كتبته أي أثر. أي حتى لوْ لم يقم أحدٌ بكسر نافذة في بيت ذلك المسؤول أو بشتمه. وفوق ذلك كله ينبهنا المقال إلى أن قانون العقوبات البحريني لا ينص على تحديد وسائل التحريض بل تركها لتقدير المحكمة. فقد يكون التحريض كلاماً وقد يكون عن طريق النكتة وقد يكون بالإيماء
.
.
.
.
.
.
No comments:
Post a Comment