Blog Archive

Monday, September 06, 2010

المعارضة بالقشمرة

..
أصدر المنبر التقدمي بياناً عاصفاً تعقيباً على ملاحظات نشرتها في مدونتي قبل إسبوعين. كما قرأتُ أربعة مقالات أحدها بقلم الأمين العام شخصياً نددت جميعاً بما جاء في ملاحظاتي و إعتبرتها "حملة دعائية مغرضة، موتورة ومسعورة لم يعد ممكنا السكوت إزاءها أكثر.ا"

سأعود للبيان المذكور ولمقال آخر الدكتور مدن (الأيام 30 أغسطس) بعد أن أشير إلى مقالٍ ظن كاتبه أنني أستهدف الدكتور حسن مدن شخصياً. لا ألوم الكاتب فهو لا يعرف أن علاقتي بالأخ حسن مدن ظلت متواصلة وطيبة حتى بعد أن تم إختياره أميناً عاماً. وحتى مع إستمراري في إنتقاد النهج السياسي الذي إتبعته قيادة المنبر منذ صدور بيان الأول من آذار 2002. والكاتب لا يعرف مثلاً أن الأخ حسن إتصل بي بعد أكثر من عام على توليه منصب الأمانة العامة طالباً لقائي لمناقشة أمور خاصة به. وحين إلتقينا سرد لي بعض تفاصيل معاناته ممن سماهم "العتاولة" الذين كانوا يقفون بسبب مصالحهم الشخصية أو جمودهم الفكري عقبة في وجه الجهود الرامية لكي يكون المنبر وريثاً حقيقيا وليس إسمياً لتراث جبهة التحرير النضالي. أراد الأخ أبو علي أن يعرف رأي في قراره بالإستقالة و ترك الأمور للعتاولة. فنصحته بعدم الإستسلام وبالصمود قدرما يستطيع في وجه أؤلئك "العتاولة". بطبيعة الحال إستشار أبو علي آخرين. وربما نصحه آخرون بمثل ما نصحته.ا
لم تنقطع العلاقة الطيبة بيننا, من جهتي على الأقل, إلا بعد أصبح أبو علي وجيهاً رسميا. أي بعد أن إختاره رئيس الوزاء لتعيينه ضمن حصته , أي حصة رئيس الوزراء, في مجلس أمناء معهد التنمية السياسية. عندها تيقنت أن الدكتور صار حسن بن عبدالله مدن وأصبح واحداً من "عتاولة" المنبر الذين كان يشتكي منهم. وعندها إتضح لي إلتزامه بتلك القراءة السياسية التي تسعى لتحويل المعارضة إلى قشمرة أو في أحسن الأحوال إلى مناكفات بين الحين والآخر مع حواشي السلطة وأزلامها.ا

في محاولته للتهرب من مناقشة تبعات دعم السلطة له إستعرض الدكتور حسن (الأيام 30 أغسطس) أسماء مجموعة من أخلص مناضلي جبهة التحرير الوطني مؤكداً أنهم يشكلون "مرجعيته السياسية والمعنوية". ومن بين من ذكرهم من الأحياء ألأحبة أحمد الشملان ومحمد جابر الصباح ومحمد حسين نصر الله.ا
ليسمح لي الأخ أبو علي بأن أخبره ببعض المواقف المشرفة لهؤلاء. وليته يتعلم منهم حقاً. أما الأخ احمد الشملان الذي أستعيرعنوان هذه الملاحظات من مقال له في خضم الإنتفاضة التسعينية, فلقد رفض رفضاً قاطعاً عرضاً بأن تتكفل السلطة بعلاجه رغم شدة مرضه وإرتفاع كلفة علاجه. وبالفعل وفرت له تضحيات زوجته ومحبة أهله ووفاء محبيه الظروف والإمكانيات التي إستطاع بها السيطرة على إصابته. أما الأخ محمد جابر فمعلومٌ إنه خرج معدماً من إعتقال دام خمس سنوات. ومع ذلك رفض بكل عزة نفس أن يقبل عشرة آلاف دينار أرسلها له المرحوم الشيخ عيسى بن سلمان. لقد رد المبلغ رغم حاجته ورغم قيمة ذلك المبلغ في ذلك الزمن. أما الأخ محمد نصرالله فلقد رفض أن يذل نفسه بكتابة رسالة إسترحام للحصول على مستحقاته بعد أن فصله السفاح هندرسون من وظيفته المرموقة في وزارة التربية إبان الإنتفاضة التسعينية. وظل الأستاذ محمد يواجه بأباء مماطلة السلطة وسعيها لكسر إرادته. هؤلاء الرفاق الثلاثة و آخرون أحياءٌ و أموات يعرفون معنى أن يردد أحدنا أنشودة "طريقنا أنت تدري..". فتلك هي الطريق التي تمر بين الناس وليس بين القصور ومع أولي الألباب وأصحاب البصيرة في السلطة" كما سماهم الأخ حسن. لقد ظلم الأمين العام مناضلين لا يجوز إيراد أسمائهم في معرض الدفاع عن الإستجداء وترويج أساليب المعارضة بالقشمرة. وعلى أية حال, فهي مناسبة للتذكير بضرورة الكف عن تشويه ناريخ المناضلين بإستخدام أسمائهم في الطالع والنازل مثل ورق توت لستر عورات مواقف سياسية فاضحة.ا

أقولُ لم يردّ البيان الرسمي الذي أصدره المنبر التقدمي على أيٍ من النقطتيْن الأساسيتيْن اللتيْن أثرتهما في ملاحظاتي. بطبيعة الحال لا أجادل في حق من صاغ بيان المنبر ألا يناقش تلك النقطتيْن. ولن أتوقف عند هذا. ولكنني أحتاج إلى التذكير بتلك النقطتيْن. الأولى هي إشارتي للدعم المالي والسياسي ناهيك عن التلميع الإعلامي الذي توفره أجهزة السلطة للدكتور حسن مدن تمهيداً لإيصاله بالكيف أو بالسيف إلى المجلس النيابي. ويرتبط بهذا نقل محل إقامته مؤخراً إلى مسكن بالإيجار في مدينة حمد. ففيها يمكن الإعتماد على أصوات المواطنين الجُدُد وخاصة العاملين منهم في قوة الدفاع وأجهزة الأمن. وفي مدينه حمد أيضاً يسهل إستخدام أصوات المراكز العامة إذا ما إستدعت ذلك الضرورة. أما النقطة الثانية فتتتعلق بتصحيح ما نشره الدكتورحسن من معلومات غير صحيحة عن تاريخ الحركة الوطنية. وفي هذا الصدد أشرتُ بإقتضاب إلى بعض مجريات إنتفاضة 1965.ا

يفرض بيان المنبر ومقالات التنديد التي قرأتها التذكير في عدة أمور. وسأختار منها ثلاثة أراها تتعلق بما تناولته في ملاحظاتي السابقة. أولها أن قيادة المنبر وعلى رأسها الأمين العام ترسم لنفسها صورة الضحية المظلومة في حربٍ يشنها عليها شخص لا يقرأ الناس له ولا يهتمون بما يقول. وسؤالي بالمقابل هو لماذا يهتم الأمين العام ولفيفه بما يكتبه شخصٌ مثلي يعيش كما قيل "بعيداً وفي عزلة موحشة"؟ ا

أما الثاني فلا يتعلق بقيادة المنبر وحدها بل ببقية الجمعيات وواجهات العمل السياسي في البلاد. لماذا تعتبر الجمعيات المعنية والنشطاء أن أية إشارة إلى دعم سياسي أو مالي أو إعلامي يتلقونه من بعض أطراف السلطة إتهاماً لهم بالخيانة؟ أما فيما يخص المنبر نفسه فإنني لم أتفوه قط بكلمة خيانة ولا أفعلها الآن. بل أكرر ما أقوله دائماً أن مواقف قيادة المنبر هي نتاج مؤسف لقراءة سياسية ملتبسة وخاطئة للواقع السياسي الطبقي في بلادنا من جهة كما هي أيضاً نتيجة لضغوط الحاجة لدى فلان القيادي أو بسبب طمع قياديين آخرين وإختراشهم.ا

لا يجرؤ أحدٌ على إنكار أن قيادة المنبر إستلمت من البلاط الملكي خمسين ألف دينار حين تعهدت حفلة فنية أحياها الفنان مارسيل خليفة عشية إعلان الدستور الجديد. ولا يُنكر أحدٌ أن قيادة المنبر إستلمت من البلاط الملكي خمسين ألف دينار أخرى جاءت في حقيبة السامسونايت المشهورة لتمويل حملتها الإنتخابية في 2002. ناهيك عن صرة دنانير هنا وصرة أخرى هناك. كما لا ينكر أحدٌ إن عدداً من قيادات المنبر حظى بمكرمات شخصية لن أدخل في تفاصيلها رغم أن بعضها مستمر حتى الآن مثل الصَدَقة الجارية.ا

نعم, لم تقدم السلطة دعماً يُذكر لحملة المنبر التقدمي الإنتخابية في 2006. ولم ينجح أحدٌ من مترشحيه. فلا أدري هل صحيح ما جاء في تلميح االدكتور حسن بأن السلطة أخطأت حين وضعت المنبر على الرف في 2006؟ أم ان الأمر هو ما زعمه آخرون قالوا أن السلطة لم تعد في حاجة إلى هذا الحرسون أو ذاك بعد إن سحب جاروف المقايضة هوامير الوفاق.ا

أقولُ لا تستطيع قيادة المنبر إنكار كل هذا. ومع ذلك لا يفسر الأمين العام للناس ولأعضاء المنبر أنفسهم لماذا يهتم البلاط الملكي بتمويل جمعية يُفترض أن تكون وريثة جبهة التحرير الوطني, أول تنظيم شيوعي في الخليج, وتطمح أن تكون إمتداداً لتاريخها النضالي المشرف؟ لا يمكنني إتهام البلاط الملكي بالسفه وتبديد الأموال على جمعيات ونشطاء سياسيين لله في الله وبدون هدف أو مقابل. وأستطيع أن أتفهم أسباب البلاط الملكي في عدم التصريح بأسماء الجمعيات والنشطاء السياسيين اللذين يحظوْن بدعمه ورعايته. فكما يبين الحديث الشريف فإن لصَدَقَة السِّر أفضالٌ كثيرة. ولكنني أعجز عن فهم لماذا لم يقل أحدٌ لنا حتى الآن ما هي المواقف التي قدمتها وتقدمها قيادة المنبرمقابل ذلك الدعم وتلك الرعاية والمكرمات؟ لهذا ليس لنا إلا أن نقول أن البعرة تدل على البعير.ا

أما الأمر الثالث فيتعلق بغياب الشفافية تماماً. وإلأا لماذا تكون مصادر هذه المعلومات من خارج المنبر؟ ولماذا لم تشجع قيادة المنبرنفسها مناقشة كل هذه المواضيع في أيٍ من مؤتمرات المنبر أو ندواته. فلا أحد خارج إطار ضيق في القيادة يعرف لماذا وكيف وصلت تلك الأموال ولا كيف صُرفت وعلى من. ولهذا أيضاً لم يستنكر أحدٌ في أيٍ من مؤتمرات الجمعية وإجتماعاتها ماقام به قياديون تسولوا مكرمات شخصية من البلاط الملكي أومن ديوان رئيس الوزراء.ا

أعجزُ عن فهم أسباب غضب الدكتور حسن بن عبدالله مدن و لفيفه من إشارتي إلى تلك المكرمات والدعوم ودورها في تشكيل رؤيتهم لواقعنا الإقتصادي السياسي والطبقي ولآفاق تطوره. لماذا تعتبر قيادة الجمعية تخوينا لها كل إشارة ولو كانت تقريرية إلى علاقتها بالسلطة؟ و لماذا لا تصارح الناس وقبلهم أعضاءها بالتحليلات والدراسات التي بنت عليها علاقتها مع السلطة ومع بقية مكونات الخريطة الطبيقية في مجتمعنا؟ لا أفهم سبب لماذا يعتبر الأمين العام إشارتي إلى الدعم المالي والتلميع الإعلامي الذي يحظى به الآن من لدن السلطة تخوينا له. ولماذا يعتبر ذلك تشويها لسمعته؟ على أية حال لماذا يستجدي دعم السلطة ولمكرماتها طالما يعتبرها منكراً؟ فلو كان الأخ أبو علي حقاً يعتبر أن توسل المكرمات وتسولها إهانة لنضاله فلماذا إذن كتب يستجدي الدعم من "أولي البصيرة وذوي الألباب" في السلطة؟ا

أقول ختاماً, بعد أيام في 18 سبتمبر سيتوقف لإحياء الذكرى الرابعة و العشرين لإستشهاد الدكتور هاشم العلوي تحت التعذيب. وسنتذكر جميعاً رغم إختلافاتنا هاشماً وبقية شهداء الوطن. فوطننا مازال وطن الحلم المكبل كما وصفه الرفيق الشملان. فلم لايكون يوم هاشم مناسبة كي يتوقف اللهاث وراء كرسي البرلمان على الأقل لفترة تكفي لتنشيط حملة وطنية لإسقاط "المرسوم 56". وهو المرسوم الذي يشرعن الإفلات من العقاب حين سمح لقتلة الدكتور هاشم وعشرات غيره من شهدائنا وضحايا التعذيب بأن يحافظوا على مراكزهم وإمتيازاتهم. وهو المرسوم الذي يمكن نفس الأجهزة والأشخاص أن تكرر هذه الأيام ما إقترفته طوال العقود السابقة من آثام بحق الناس سجناً وتعذيبا وقتلاً ًونفياً تحت حجة الحفاظ على الأمن.ا

عبدالهادي خلف




.
.

No comments: