Blog Archive

Monday, May 01, 2006

عيد العمال العالمي


مقتطفات بمناسبة عيد العمال العالمي من كتاب "شئ من تاريخ الطبقة العاملة البحرانية" الصادر عام 1978 ا


"تكتسب مسألة الإحتفال بالأول من مايو (أيار) مكانة خاصة في مسيرة الحركة العمالية البحرانية , بإعتبار إن أشكال إحتفال عمالنا بهذا اليوم تعكس باستمرار نوعية الظروف التي تمر بها بلادنا , كما تعكس قوة الطبقة العاملة و قدراتها التنظيمية و النضالية. ففي البداية لم تكن مظاهر الإحتفال تتعدى إصدار منشور ثوري , أو عقد إجتماع ســري , و تبادل التهاني في تخفٍ و حذر شــديد أمام الإرهاب الواسع الذي أحاط بتاريخ طبقتنا العاملة . في موقع العمل هذا أو ذاك ربما وُزِعَ كيسٌ من الحلويات , أو إحتفل عاملٌ هنا أو هناك بخطوبته في نفس اليوم , أو بختان إبنه أو غير ذلك من المناسبات التي يحرص العمال على أن تتم في نفس ذلك تيمناً بعيد البروليتاريا المجيد

غير أن هذه المظاهر أخذت في التطور شيئاً فشيئاً. في بداية السبعينيات بدأ العمال بالتوقف عن العمل لبعض الوقت في هذا اليوم مشــاركين الطبقة العاملة في كل بقاع العالم إحتفالاتهم بعيدهم , ثم إبتدأ خروج المسيرات العمالية من المنطقة الصناعية هادرة في بعض شوارع العاصمة. وسواءً أكان الإحتفال في صوره المتخفية و المتواضعة في الخمسينيات و الستينيات , أو عندما أصبح تقليداً "غير قانوني" أن يحتفل عمالنا بعيدهم , فإن السلطة و مخابراتها كانت لا تترك المناسبة دون أن تودع المعتقلات بعضاً من خيرة الناشطين في الحركة العمالية

ففي 1972 , في أعقاب ألإنتفاضة العمالية المجيدة في مارس في ذلك العام , و رغم الظروف شديدة السرية , و رغم إن كثيرين من قادة الحركة العمالية و كوادرها النشطة كانت رهن الإعتقال , و رغم الملاحقات المستمرة و الرصد , فلقد كانت الإستعدادات جارية لإقامة إحتفال يليق بالمناسبة. إلا إن محاصرة قوات الشغب للعديد من مواقع العمل المهمة , ومنها المنطقة الصناعية ذاتها, قد أدى إلى إلغاء إحتمال نجاح المسيرة الإحتفالية السلمية التي كان من المقرر تنظيمها ذلك اليوم. إلا إن العمال لم يعدموا , رغم محاصرة قوات الشغب , وسيلة للإحتفال بعيدهم. و كان أن أعلن عمال مؤسسات مختلفة في المنطقة الصناعية التوقف عن العمل لفترات قصيرة متفاوتة وخرجوا إلى الخارج لتغص بهم أرصفة المنطقة الصناعية . وأُخرجت أكياس الحلوى الصغيرة و وُزِعت المرطبات , و تبادل الجميع التهاني. لم يكن الأمرُ بسيطاً بالنسبة لنا و لا بالنسبة للسلطة التي كانت تظن إنها تعيش فترة إنتصار بعد ضرب إنتفاضة مارس و إعتقال قياداتها

أما في عام 1973 فلقد حصد شعبنا بعض النتائج الإيجابية لإنتفاضة العام السابق , و أهمها في هذا الصدد إضطرار السلطة الإعلان عن بعض التوجهات نحو حياة ديمقراطية و دستورية. /..../ و أتت المسيرة العمالية التي إنطلقت من المنطقة الصناعية في الأول من مايو 1973 و طافت شوارع العاصمة متحدية حصار شرطة الشغب لتضيف شكلاً جديداً من أشكال الإحتفال بيوم التضامن العالمي بين شغيلة العالم

أما في عام 1974 فلقد كان وضع الحركة العمالية أفضل بشكلٍ عام , كما إن أموراً كثيرة تغيرت بعد إنتخابات المجلس الوطني في ديسمبر 1973 حيث إستطاعت الحركة الوطنية أن توصل للمجلس عدداً من المرشحين الوطنيين الذين إرتبطوا بشكل أو بآخر بقضايا الحركة العمالية. و برز هنا بشكلٍ خاص نواب "كتلة الشعب" الذين كان لدعم العمال و الفئات الشعبية الأخرى و خاصة الشبيبة منها دوراً في إنجاحهم في الإنتخابات


ترّكز نشاطنا فيما يتعلق بمسألة الإحتفال بالأول من مايو على ناحينتْن أساسيتيْن. أُولاهما: تحشيد أكبر تأييد شعبي لمطلب إعلان الأول من مايو عيداً رسمياً من قِبَل المجلس الوطني , وهذا تطلبَ بشكلٍ خاص توثيق التعاون ما بيننا و بين النواب الوطنيين بهدف الإستفادة إعلامياً و تشريعياً من تواجدهم في داخل المجلس الوطني , أما الثانية فكانت التحضير للإحتفال نفسه بكل ما يتطلبه ذلك من أمور عملية و تفاصيل


و يمكن إعتبار النشاط متعدد الأوجه الذي مورس بين الفترة اللاحقة لإعلان نتائج إنتخابات المجلس الوطني و حتى الأول من مايو 1974 إحدى الإختبارات التي إستطاعت من خلالها الحركة الوطنية بشكل عام و الحركة العمالية بشكلٍ خاص أن تثبت قدرتها على إستخدام جميع الأساليب النضالية المتلائمة مع الظروف المستجدة


لقد كان ضرورياً بمكان الإستفادة من جو الإنفتاح النسبي الذي ساد البلاد في تلك الفترة . و تحسباً لأية إنتكاسة سريعة في التجربة البرلمانية (ولقد أثبتت إعتقالات يونيو 1974 وماتلاها صحة تلك التوجسات) فلقد بدأ التحرك مبكراً من أجل إستصدار التشريع الخاص بإعتبار الأول من مايو عيداً رسمياً. و تطلب ذلك شـنّ حملة شاملة لإثبات صلابة و إتساع القاعدة الجماهيرية التي يستند إليها هذا المطلب. فبدأت العرائض تنهال على المجلس الوطني و كلٌ منها يحمل العشرات من التواقيع من عمال مختلف المؤسسات و الشركات و الدوائر الحكومية مطالبة بإعتبار الأول من مايو عيداً رسمياً في بلادنا. و حسب تقرير لجنة العرائض و الشكاوى في المجلس تقدم لها ما بين 19 يناير 1974 و 2 مايو 1974 ثلاثين عريضة تتعلق بمطالب عمالية محددة بينها مطلب إقرار الأول من مايو عيداً رسمياً في البلاد.ا

...../.../ و جاء النقاش الذي دار في قاعة المجلس حول الموضوع ليعبر بصدق عن الأجواء التي كانت البحرين تعيشها و كذلك عن طبيعة التيارات السياسية الممثلة في داخل المجلس. ففي جلسة 28/4/1974 و بعد عرض عريضتيْن مقدمتيْن من عمال بابكو و ألبا تطالبان بإطلاق حرية التنظيم النقابي و بالإعتراف بحق العمال في تشكيل نقاباتهم إنتقل المجلس إلى مناقشــة الرغبة المتعلقة بإقرار الأول من مايو عيداً رسمياً في البلاد

....../..../ و عنما جاء دور مصطفى القصاب , عضو الكتلة الدينية , عارض الإقتراح مبرراً معارضته بالقول " إننا غنيون بمناسباتنا و حريٌّ بنا أن نحييها و أن نجعلها عيداً رسمياً. إنني مقتنع إن هذا العيد بعيد كل البعد عن واقعنا و هو دخيل علينا إذ يقال إن أول من أخذ به هو أميركا على إثر حادثٍ في شيكاغو بين العمال و أرباب العمل راح ضيته بعض العمال. و إن الأخذ بهذا العيد يعني ربط ذهنية العمال بالصراع الذي يفتت عضد المجتمعات . هذا من جهة و من جهة ثانية تبنى الشيوعيون هذا العيد بإعتباره يدغدغ عواطف العمال , و هذا ما تركو عليه العقيدة الشيوعية". أما علي ربيعة , عضو كتلة الشعب, فبعد أن فنّد ذلك و معه مبررات تمنّع الحكومة و رفضها قال "إن عيد العمال ليس غريباً عنا. فطالما سمعنا عن أعياد غريبة عن الإسلام كعيد العلم وعيد الأم . لطبقتنا العاملة الفضل الأكبر في إستقلالنا الوطني. كما إن هذا العيد ليس عيداً شيوعياً بل هو عيد عمالي يُحتفل به وفاءً للعمال الذين سقطوا ضحية الإرهاب البرجوازي". .../../ا

بالرغم من التأييد الواسع الذي حصل عليه الإقتراح شعبياً و على الرغم من إنه لم يعارضه من النواب المنتخبين سوى خمسة , بينما إمتنع عن التصويت خمسة آخرون فإن الإقتراح سقط لأن الحكومة , بحكم عضويتها التلقائية في المجلس, قد صوتت ضده

..../...رغم ذلك إستمرت الإستعدادا لإقامة أو مهرجان علني للإحتفال بعيد العمال. و جاء المهرجان , عشية الأول من مايو , في ســاحة نادي البحرين في المحرق تتويجاً لكل الجهود التي بُذلت في الشهور السابقو و تأكيداً على جدوى كل تحرك من أجل الحقوق مهما كان ذلك التحرك صغيراً. و هكذا كان. فلأول مرة يتفل عمال البحرين بصورة علنية و شرعية بعيدهم , عيد عمال العالم , و لأول مرة في تاريخ الحركة العمالية يحتشــد هذا العدد الكبير من الرجال والنساء ليشاركوا في إحياء هذا اليوم العظيم. ..../.../ لقد شارك في إحياء الإحتفال ( الذي كان لي شرف أن أكون عريفه) مواطنون و مواطنات من غير العمال و ساهم كثيرون بإحضار الحلويات و توزيع المرطبات في فترة الإستراحة. و إستمع الحاضرون إلى كلمات ألقاها النواب جاسم مراد ورسول الجشي و علي ربيعة و النقابي عبدالواحد عبدالرحمن علاوة على كلمة اللجنة المنظمة التي ألقاها أحمد الشملان.
....../.../

إقرأ المزيد من تفاصيل في كتابي "شئ من تاريخ الطبقة العاملة البحرانية" من إصدار لجنة التنسيق بين القابات و اللجان العمالية في البحرين , 1978

No comments: