Blog Archive

Wednesday, September 06, 2006

عبيد المنزل وعبيد الحقل

في واحدة من أهم خطبه 1 في بداية ستينيات القرن الماضي تحدث مالكولم إكس، المناضل الأميركي الراحل، عن الفرق بين عبيد المنزل وعبيد الحقل. في تلك الخطبة التي ساهمت في إعطاء حركة الحقوق المدنية للسود الأميركيين بُعدها الثوري الجذري، استعاد مالكولم إكس مفهوميْن مترسخيْن في الموروث التاريخي المتولّد عما عاناه السود الأميركيون في فترات العبودية وما تلا ‘’تحريرهم’’ من تمييز وتفرقة عنصرية واضطهاد طبقي. ا
شـدّد مالكولم إكس على أهمية الاهتمام بالموروث ليس لأهميته التاريخية فحسب بل لأن تأثيرها لم يتوقف حتى الآن على أكثر من صعيد، بل هو لايزال فاعلاً في المجتمع الأميركي ومتمثلاً في حرمان السود، وغيرهم من الفئات المضطهدة، من الاستمتاع بحقوق المواطنة التي يضمنها لهم، على الورق، الدستور الأميركي. ا
كان مالكُ العبيد يفرق بين فئتيْن الأولى هي فئة عبيد المنزل التي ينتقيها لخدمته، شخصياً ولمساعدته في إدارة ممتلكاته وللقيام بشؤون قصره مباشرة من طبخ وغسيل وتنظيف وما إلى ذلك من خدمات. أما الفئة الثانية فهي فئة عبيد الحقل التي يُفرض عليها العمل في مختلف المهن والأعمال المجهدة الأخرى التي يطلب المالك أو وكلائه منهم أدائها. يقوم مالكولم إكس بمقارنة عبيد المنزل وعبيد الحقل ليرسم صورة تتكرر فيما يمكن قرائته في بعض الأدب الأميركي ومشاهدته في الأفلام الأميركية القديمة. يبدو عبد المنزل مهندماً وعليه علائم العافية. صحيحٌ إن ما يلبسه عبد المنزل مما بَلِيَ من ثياب السيد وما يأكله هو مما تبّقى على سفرة السيد إلا أن هذا لايقلل من سعادة عبد المنزل وخاصة حين يقارن وضعه بوضع عبد الحقل الذي يهلك كل يوم ليضمن مجرد بقائه على قيد الحياة. ا
عبد المنزل وعبد الحقل، كلاهما، مملوكان لسـيّدهما الذي يملك أيضاً حق التصرف في كل شؤونهما، ماذا وأين يعملان أو يأكلان أو يسكنان أو يفكران. والسيّد يملك الحق في تقرير مصيرا لعبديْن ومقدار سعادتهما أو بؤسهما. على رغم ذلك كله إلا أن العبديْن يعيشان في عالميْن مختلفيْن. عالمٌ يضم عبيد المنزل الذين يروْن أنفسهم، باعتبارهم النخبة المختارة، في مرتبة أعلى بكثير من بني جلدتهم من عبيد الحقل الذين يضمهم عالمٌ كما يضم غيرهم من الصعاليك وأشباه العبيد. ا
ما يشير إليه مالكولم إكس هو حالة إنسانية وليست ظاهرة أميركية فريدة
.
المقال منشور في جريدة الوقت بتاريخ 5 سبتمبر 2006
.
.
.
.

No comments: