Blog Archive

Wednesday, September 13, 2006

|الاندفــاع نحـــو عنــق الزجاجــة

.
أضع يدي على قلبي وأنا أتابع بعض الجدالات السياسية المحتدمة في البحرين. ولا يخفف من القلق المناقشات الدورية مع بعض إخوة وأخوات أسعى من خلالها للاستفادة من التصاقهم بمجريات الواقع كي أحافظ على ما تبقى لدي من قدرة على التفاؤل. أعرف، بطبيعة الحال، أن الأمور تبدو في الخارج أكثر قتامة مما قد تكون عليه في الداخل. إلا أن الأخبار تترى محزنة ونبرات النقاش مع الأحبة في الوطن تميل إلى التشاؤم. ففي يومٍ يسيطر جدلٌ وانقسام حول لافتات وملصقات، وفي يوم آخر يسيطر الجدلُ حول من هو الأحَّق بتكفير الآخر. وإن لم تكن الصدارة لموضوع التجنيس وتداعياته بما في ذلك منع جمعيات سياسية من عقد ندوة علنية لمناقشة الموضوع فستكون لمؤامرة تُحاك للاستيلاء على المحرق، وهكذا دواليْك. تذهب قضية تفتيتية لتأتي أخرى، وكلٌ بما لديهم فرحون. ا
.
ما تشهده البلاد هذه الأيام هو في رأيي المتواضع، ثمرة مرّة لنهجٍ تجريبي يهدف لتطوير تلك الأساليب التقليدية لإدارة الحكم التي أثبتت في الماضي نجاعتها. أي تلك الأساليب التي تتضمن إدامة التشطير العمودي في مجتمعنا من خلال التأجيج الدوري للتنافس بين التعاضديات الاجتماعية ومن خلال حرمانها من فرص التعاون فيما بينها. ولقد كان ممكناً في الماضي عبر ذلك أن يحافظ الحكم على درجة مقبولة له من الاستقرار على أساس اعتراف جميع التعاضديات المتنافسة به وبحقه في احتكار أدوات السلطة شـريطة أن يتمكن من الحفاظ على التوازن بين التعاضديات ومنع تعدي امتيازات تعاضدية ما بذاتها على امتيازات تعاضديات أخرى. على رغم فاعلية أساليب التشطير في ضمان استقرار نظام الحكم إلا أنها ولّدت مناخاً يتميز بانعدام الثقة المتبادلة بين الناس، أفراداً أو فئات، وكذلك ولّدت انعدام الثقة المتبادلة بينهم وبين أهل الحكم. ولهذا رأينا أن من السهل انتشار المخاوف والشكوك حالما عرف الناس أعداد ‘’الآسيويين المتجمهرين حول دائرة الهجرة لاستلام وثائق تجنيسهم’’. ولهذا أيضاً رأينا من السهل أن يصدق كثيرون أن إيران ستستولي، عبر صفقات عقارية ومن دون علم الجهات الحكومية المختصة، على ما تبقى من أراضٍ في مدينة المحرق.ا
.
التجاذب المستعِرّ حول هذين الموضوعيْن وغيرهما من تجاذبات شهدتها البلاد طوال السنين الخمس الماضية واستحوذت على حماس الناس ودفعت كثيرين إلى الشارع أو إلى تحبير الصفحات يشـير إلى أنه مازال أمامنا الكثير لإزالة آثار عقود من تهميش الناس أفراداً وجماعات، وزرع الخوف فيهم من بعضهم البعض ومن السلطة. نحن، بكلمات أخرى، في حاجة إلى تكثيف الجهود لإعادة بناء رأسمالنا الاجتماعي وبخاصة جوانبه التي تتأسس على الثقة المتبادلة بين الناس ا
.
مقال منشور في جريدة الوقت
بتاريخ 12 سبتمبر 2006
.

No comments: