Blog Archive

Tuesday, February 27, 2007

مَــالْطـا يُــوكْ

.
حين قرأتُ ما نشرته الصحافة عن تقرير اللجنة المشتركة لمراقبة الانتخابات ظننتُ، مثل أخينا إبراهيم شريف، أن في الأمر نكتة. إلا إنني وبعد أن سمعتُ إن معدي التقرير جادون قرأتهُ كاملاً فوجدته ممتعاً حقاً
.

تتشابه بعض عبارات التقرير مع رواية متداولة، ومشكوك في صحتها، عن قائدِ أسطولٍ عثماني أمره السلطان باحتلال مالطا. وبعد غياب أشهر عدة ضل الطريق في أثنائها وهو يبحث عن تلك الجزيرة وعاد خائباً ليخبر السلطان بأن ‘’مالطا يُوكْ’’، أي مالطا غير موجودة. ما قد يعاب على الأدميرال العثماني هو نفسه ما يعاب على تقرير نزاهة الانتخابات. فكلاهما اغتر بالظاهر واعتبر أن ما لا تراه العين غير موجود. ولم يضع أيٌ منهما احتمال -مجرد احتمال-، إنه ربما قد أضاع الطريق أو إنه لم يبحث في الاتجاه الصحيح أو إن بوصلته مُعَطّلة، ناهيك عن أسباب أخرى
.

مقابل ‘’مالطا يُوكْ’’ يكرر التقرير عبارة ‘’ولا تمتلك اللجنة دليلا’’ لينفي حدوث خروقات أو انتهاكات. هنا نلاحظ أن التقرير، وعلى خطى الأدميرال العثماني، لا يشير إلى احتمال -مجرد احتمال-، أن عدم اكتشاف ‘’الدليل’’ قد يعود إلى مهارة القائمين بتلك الخروقات أو عدم مهارة الباحثين عنها. بدلاً من هذا التحوّط الذي هو أمر لازم في كل عمل منهجي، اندفع كاتبو التقرير نحو نفي حدوث أية خروقات جدية لنزاهة الانتخابات. لكن ما العمل حين تقرر أنتَ أو حين يتقرر لك منذ البداية أن تكون فرضيتك هي نفسها استنتاجاتك؟ عندها ستكون مالطا يوك والخروقات يوك. للإنصاف أقولُ لا يرتكب حرفيٌ مثل هذا الخطأ المنهجي إلا إذا كان مضطراً إلى ذلك تحت ضغط زبون لحوح. والزبون في هذه الحالة هي الخارجية الأميركية التي كلَّفت جمعية الشفافية بمهمات عدة بينها إعداد ميثاق الشرف الانتخابي وتقرير عن نزاهة الانتخابات. فنحنُ أمام زبون مستعجل ومقتدر على الدفع ومحتاج إلى ’قصص نجاح[1]’’ لإبقاء ‘’مبادرة الشرق الأوسط الكبير’’ (ميبي) على قيد الحياة عبر إقناع الكونغرس الأميركي بالاستمرار في ضخ الأموال فيها. وكلما ازدادت إخفاقات الرئيس بوش في المنطقة كلما ازداد الطلب على ‘’قصص النجاح’’ التي منها قصتنا

'

.


.

No comments: