بسقوط بول ولفوفيتز من رئاسة البنك الدولي يسقط أميركيٌ قبيحٌ آخر. إلا أن هذا السقوط المخزي يحمل معاني كثيرة. فهو انتصار لشجاعة موظفي وموظفات البنك نفسه ممن عارضوا استمراره في منصبه. وهو في الوقت نفسه انتصار على الفساد السياسي الذي يمثله قيام الرئيس بوش بفرض ولفوفيتز قبل عاميْن في إدارة البنك الذي يتحكم بما يفرضه من سياسات ظالمة في اقتصاد العالم ويقرر حياة وموت عشرات الملايين من البشر في مختلف أنحاء العالم الفقير. وهي سياسات ازدادت تعسفاً في السنتين الماضيتيْن التي أدار فيهما ولفوفيتز شؤون البنك
.
فضيحة ولفوفيتز ستُدخله التاريخ لأنه أول رئيس للبنك الدولي يُقال من منصبه منذ تأسيس البنك في نهاية الحرب العالمية الثانية. وفي هذا السقوط الفضائحي بارقة أمل لكل الشعوب والقوى التي عانت وما زالت تعاني مما فعله ولفوفيتز، مهندس الحرب على العراق، وأمثاله من المحافظين الجدد الذين تمكنوا من السيطرة على السياسة الأميركية في أعقاب 11 سبتمبر (أيلول) 2001 . وهو بارقة أمل في هزيمة أخطر ما يريد المحافظون الجدد أن يفرضوه على العالم والمتمثل فيما تضمنته وثيقة ‘’مشروع القرن الأميركي الجديد’’ وما تولَّد عنها من استراتيجيات في الأعوام الستة الأخيرة . ومعلومٌ ان هذه الاستراتيجيات تسعى إلى تثبيت هيمنة القطب الواحد على العالم برمته وتتطلب إخماد كل أشكال الممانعة ناهيك عن المواجهة في أية زاوية من المعمورة. وعلى هدى هذه الاستراتيجيات رفع الرئيس بوش رايات ‘’الحرب ضد الإرهاب’’ و’’إزالة أسلحة الدمار الشامل’’ و’’منع الانتشار النووي’’. وتحت هذه الرايات شنت أميركا حربيْن على أفغانستان والعراق ودعمت إسرائيل في حربها على لبنان لأن بقاء إسرائيل كقوة مهيمنة على الشرق الأوسط هي حجر أساس مشروع القرن الأميركي الجديد. وتحت الرايات نفسها يجري التخطيط لحرب أخرى على إيران. وتحت هذه الرايات تشن الولايات المتحدة حروباً خفية وشبه خفية في مختلف أنحاء العالم فتختطف من تختطف من الناس وتبتز من تشاء من الحكام والسياسيين وتقدم الرشا لوجهاء وقادة المجتمع المدني وتهدد الجميع بالحساب العسير إن هم حاولوا شق عصا الطاعة
.
.
.
.
No comments:
Post a Comment