..
.قرأتُ مقالة الزميل محمد عبدالجليل المرباطي ،في جريدة الأيام الصادرة بتاريخ 18أيلول/ سبتمبر 2008 ، تحت عنوان "حتى لاتغيب الحقيقة". وقد لفت نظري ورود إسمي في سياق المقالة حول رفيقنا المناضل المرحوم علي مدان، القيادي المؤسس في جبهة التحرير الوطني البحرينية. ولاحظتُ ان هناك بعض الاحداث التي تضمنتها المقالة جاءت ملتبسة أحياناً وغير دقيقة أحيانا أخرى مما يستوجب توضيحها ، وذلك من أجل الحقيقة والتأريخ ، وهذه مسؤولية الجميع ، خاصة وان تلك الاحداث المذكورة ، قد مرت عليها سنوات طويلة. وربما هذا ما خلق تلك الالتباسات وذلك الغموض. وقبل سرد هذا التوضيح ، لابد من القول أن ذلك ليس ردا على الزميل أبو أنس الذي أكن له بالغ الاحترام ، بل لتوضيح الالتباسات التي شابت المقالة ، إنطلاقا من مفاهيم قبول واحترام الآخر.
ذكر الزميل أبو أنس أنه بناء على رغبة المرحوم علي مدان للسفر الى الخارج بقصد تقديم اللجوء السياسي ، قام بتكليف من بعض الاخوة في لجنة التنسيق بين الجبهة الشعبية وجبهة التحرير باجراء إتصالات لتأمين السفر مع السكرتير العام للاتحاد العالمي للنقابات الاخ أديب ميرو، لابلاغة بقدوم المرحوم علي مدان الى العاصمة البولندية وارسو للمشاركة في أعمال المؤتمر العالمي للنقابات. وتم الاتصال بالاخ عزالدين ناصر رئيس اتحاد عمال سوريا لتسهيل إجراءات خروجه من دمشق الى وارسو. وذكر أيضاً أنه أي أبو أنس أتصل بي شخصياً كي أكون في إستقبال المرحوم مدان مع وفد الاتحاد العالمي للنقابات والمجلس المركزي للنقابات البولندية وذلك لترتيب كل إجراءات سكنه وإقامته المؤقتة في وارسو.
والحقيقة إن ما كتبه الزميل المرباطي أعلاه غير دقيق. فلم أكن في الدنمارك وقتها بل كنتُ في دمشق للمشاركة في إجتماعات لجنة التنسيق بين الجبهتيْن. ومن ضمنها دلك الإجتماع الدي ذكره الزميل المرباطي ، في منزل المرحوم أبو قيس ,أحمد الذوادي. وفي ذلك الإجتماع تقرر تكليفنا (هاني الريس والمرحوم علي مدان) بمهمة تمثيل الاتحاد العام لعمال البحرين في إجتماعات مؤتمر الاتحاد العالمي للنقابات المنعقد في وارسو في العام 1993. وبالمناسبة فقد كان ذلك الاجتماع في مساكن برزة وليس بمنطقة صحنايا بريف دمشق، كما قال أبو أنس في مقالته.
خرجنا في ليلة سفرنا الى وارسو من منزل المرحوم أبي قيس. وكنا ثلاثة , المرحوم علي مدان وزميلنا المرحوم محمد الحبيب ، وهو احد القياديين البارزين في الجبهة الشعبية لتحرير عمان ، الذي كان هو الاخر من ضمن المشاركين في ذلك المؤتمر وأنا. وقام الزميل عبد الجليل النعيمي، بسيارته (لادا) بتوصيلنا إلى مطار دمشق في حوالي الساعة الثانية بعد منتصف الليل، وسافرنا معاً الى وارسو.
وهناك مكثتُ والمرحوم علي مدان قرابة أربعة أيام في ضيافة الاتحاد العالمي للنقابات والمجلس المركزي لعموم النقابات البولندية. أما الفترة الاضافية التي قضيناها في وارسو في إانتظار ترتيبات سفر المرحوم علي مدان الى بلجيكا فقد كانت على حسابنا الخاص.
ولابد لي هنا أن أذكر إنني طلبت من كلٍ من اتحاد عمال البحرين و من لجنة التنسيق بين الجبهة الشعبية وجبهة التحرير الوطني الحصول للمرحوم مدان على مبلغ (200 دولار) كمصاريف جيب. إلا أنهم إعتذروا لان ميزانيتهم لاتسمح لهم بتقديم مثل تلك المساعدات. ويبدو إنهم استكثروا مثل هذا المبلغ التافه على المرحوم علي مدان الذي أفنى عمره في النضال من أجل خدمة الوطن.
واما بخصوص ما ذكره الزميل المرباطي حول مرافقتي للمرحوم علي مدان، من وارسو الى الحدود الالمانية مشيا على الاقدام في بعض الاحيان، للعبور غير الشرعي للاراضي الالمانية. فلابد لي من أن أوضح للتاريخ بأن ذلك الامر لم يحدث كما ذكر الأخ أبو أنس بل بشكل مختلف.
و الصحيح هو ان أحد رفاق المرحوم علي مدان ، من أعضاء حزب (تودة) الايراني– منظمة بلجيكا هو الذي جاء الى وارسو خصيصا لمرافقة المرحوم مدان إلى المانيا ومن ثم الى بلجيكا. ولقد بقي الرفيق الإيراني معنا قرابة يومين في وارسو حيث تناقشنا خلالهل حول إمكانية الوصول إلى بلجيكا. وبعدها رافق المرحوم مدان الى الحدود الالمانية مشيا على الاقدام بين الغابات والمياه الضحلة، حيث تم نقله بعد ذلك الى بلجيكا و قدم طلب اللجوء السياسي هناك.
يجدر بي أن أوضح هنا أيضا أن المرحوم مدان وقبل مغادرته بولندا الى المانيا ترك لديّ وديعة هي عبارة عن بعض الوثائق الخاصة الشخصية ، ومبلغ من المال قدره خمسين دولار أمريكي هو كل ماكان يملكه تقريباً. والسبب في أنه ترك المبلغ المذكور والوثائق وديعة لديّ هو ما هو معروف عن ان سلطات مراقبة الحدود في كل البلدان تقوم بمصادرة كافة الوثائق والاموال التي بحوزة الاشخاص القادمين الى اراضيها بصورة غير شرعية. وظلت الوديعة, أي الدولارات والأوراق الشخصية, محفوظة عندي إلى حين إستقر المرحوم علي مدان في مقر إقامته الجديد. وبعد ذلك قمتُ بارسالها اليه في بلجيكا بناء على طلبه.
من جهة أخرى كتب الزميل المرباطي ، في جانب أخر من مقالته إنني قمتُ بواجب المشاركة في تشييع ودفن المرحوم علي مدان في بلجيكا. وهذا ماكان سيشرفني لو أنه قد حصل بالفعل ولو سمحت لي الظروف بذلك. فهذا واجبٌ لو حصل كما هو واجب كل انسان تجاه الآخر. ولكن الحقيقة لم تكن كذلك. فلقد حالت ظروف صعبة دون مشاركتي في التشييع والدفن. فلقد اتصل بي في وقت متأخر جدأً الزميل عبد الجليل النعيمي ( 27 يناير 1995 ) ليخبرني بذلك المصاب الاليم وليطلب مني المشاركة في مراسم التشييع و الدفن ممثلا عن لجنة التنسيق. إلا إنني لم أتمكن من تلبية طلبه لضييق الوقت ولعدم توافر رحلات للسفر من الدنمارك الى بلجيكا في ذلك اليوم. ومع ذلك سارعتُ في الاتصال بالزملاء الإيرانيين القائمين على تلك القضية لأخبرهم بصعوبة الوصول في الوقت المحدد للتشييع والدفن ولأنقل لهم تعازي كافة الزملاء في لجنة التنسيق بدمشق.
وهنا ينبغي علي القول ثانية إن الزمن الطويل الذي مضى على تلك الأحداث هو الذي أوقع الزميل في تلك الإلتباسات التي جاءت في مقالته، حول المرحوم علي مدان، لذلك وللأمانة التاريخية كتبت توضيحي هذا توخيا للحقيقة ولكونه إستدعاني شاهداً على ما حدث قبل أن يتحقق مني حول أمور ذكرها.
هاني الريس
ذكر الزميل أبو أنس أنه بناء على رغبة المرحوم علي مدان للسفر الى الخارج بقصد تقديم اللجوء السياسي ، قام بتكليف من بعض الاخوة في لجنة التنسيق بين الجبهة الشعبية وجبهة التحرير باجراء إتصالات لتأمين السفر مع السكرتير العام للاتحاد العالمي للنقابات الاخ أديب ميرو، لابلاغة بقدوم المرحوم علي مدان الى العاصمة البولندية وارسو للمشاركة في أعمال المؤتمر العالمي للنقابات. وتم الاتصال بالاخ عزالدين ناصر رئيس اتحاد عمال سوريا لتسهيل إجراءات خروجه من دمشق الى وارسو. وذكر أيضاً أنه أي أبو أنس أتصل بي شخصياً كي أكون في إستقبال المرحوم مدان مع وفد الاتحاد العالمي للنقابات والمجلس المركزي للنقابات البولندية وذلك لترتيب كل إجراءات سكنه وإقامته المؤقتة في وارسو.
والحقيقة إن ما كتبه الزميل المرباطي أعلاه غير دقيق. فلم أكن في الدنمارك وقتها بل كنتُ في دمشق للمشاركة في إجتماعات لجنة التنسيق بين الجبهتيْن. ومن ضمنها دلك الإجتماع الدي ذكره الزميل المرباطي ، في منزل المرحوم أبو قيس ,أحمد الذوادي. وفي ذلك الإجتماع تقرر تكليفنا (هاني الريس والمرحوم علي مدان) بمهمة تمثيل الاتحاد العام لعمال البحرين في إجتماعات مؤتمر الاتحاد العالمي للنقابات المنعقد في وارسو في العام 1993. وبالمناسبة فقد كان ذلك الاجتماع في مساكن برزة وليس بمنطقة صحنايا بريف دمشق، كما قال أبو أنس في مقالته.
خرجنا في ليلة سفرنا الى وارسو من منزل المرحوم أبي قيس. وكنا ثلاثة , المرحوم علي مدان وزميلنا المرحوم محمد الحبيب ، وهو احد القياديين البارزين في الجبهة الشعبية لتحرير عمان ، الذي كان هو الاخر من ضمن المشاركين في ذلك المؤتمر وأنا. وقام الزميل عبد الجليل النعيمي، بسيارته (لادا) بتوصيلنا إلى مطار دمشق في حوالي الساعة الثانية بعد منتصف الليل، وسافرنا معاً الى وارسو.
وهناك مكثتُ والمرحوم علي مدان قرابة أربعة أيام في ضيافة الاتحاد العالمي للنقابات والمجلس المركزي لعموم النقابات البولندية. أما الفترة الاضافية التي قضيناها في وارسو في إانتظار ترتيبات سفر المرحوم علي مدان الى بلجيكا فقد كانت على حسابنا الخاص.
ولابد لي هنا أن أذكر إنني طلبت من كلٍ من اتحاد عمال البحرين و من لجنة التنسيق بين الجبهة الشعبية وجبهة التحرير الوطني الحصول للمرحوم مدان على مبلغ (200 دولار) كمصاريف جيب. إلا أنهم إعتذروا لان ميزانيتهم لاتسمح لهم بتقديم مثل تلك المساعدات. ويبدو إنهم استكثروا مثل هذا المبلغ التافه على المرحوم علي مدان الذي أفنى عمره في النضال من أجل خدمة الوطن.
واما بخصوص ما ذكره الزميل المرباطي حول مرافقتي للمرحوم علي مدان، من وارسو الى الحدود الالمانية مشيا على الاقدام في بعض الاحيان، للعبور غير الشرعي للاراضي الالمانية. فلابد لي من أن أوضح للتاريخ بأن ذلك الامر لم يحدث كما ذكر الأخ أبو أنس بل بشكل مختلف.
و الصحيح هو ان أحد رفاق المرحوم علي مدان ، من أعضاء حزب (تودة) الايراني– منظمة بلجيكا هو الذي جاء الى وارسو خصيصا لمرافقة المرحوم مدان إلى المانيا ومن ثم الى بلجيكا. ولقد بقي الرفيق الإيراني معنا قرابة يومين في وارسو حيث تناقشنا خلالهل حول إمكانية الوصول إلى بلجيكا. وبعدها رافق المرحوم مدان الى الحدود الالمانية مشيا على الاقدام بين الغابات والمياه الضحلة، حيث تم نقله بعد ذلك الى بلجيكا و قدم طلب اللجوء السياسي هناك.
يجدر بي أن أوضح هنا أيضا أن المرحوم مدان وقبل مغادرته بولندا الى المانيا ترك لديّ وديعة هي عبارة عن بعض الوثائق الخاصة الشخصية ، ومبلغ من المال قدره خمسين دولار أمريكي هو كل ماكان يملكه تقريباً. والسبب في أنه ترك المبلغ المذكور والوثائق وديعة لديّ هو ما هو معروف عن ان سلطات مراقبة الحدود في كل البلدان تقوم بمصادرة كافة الوثائق والاموال التي بحوزة الاشخاص القادمين الى اراضيها بصورة غير شرعية. وظلت الوديعة, أي الدولارات والأوراق الشخصية, محفوظة عندي إلى حين إستقر المرحوم علي مدان في مقر إقامته الجديد. وبعد ذلك قمتُ بارسالها اليه في بلجيكا بناء على طلبه.
من جهة أخرى كتب الزميل المرباطي ، في جانب أخر من مقالته إنني قمتُ بواجب المشاركة في تشييع ودفن المرحوم علي مدان في بلجيكا. وهذا ماكان سيشرفني لو أنه قد حصل بالفعل ولو سمحت لي الظروف بذلك. فهذا واجبٌ لو حصل كما هو واجب كل انسان تجاه الآخر. ولكن الحقيقة لم تكن كذلك. فلقد حالت ظروف صعبة دون مشاركتي في التشييع والدفن. فلقد اتصل بي في وقت متأخر جدأً الزميل عبد الجليل النعيمي ( 27 يناير 1995 ) ليخبرني بذلك المصاب الاليم وليطلب مني المشاركة في مراسم التشييع و الدفن ممثلا عن لجنة التنسيق. إلا إنني لم أتمكن من تلبية طلبه لضييق الوقت ولعدم توافر رحلات للسفر من الدنمارك الى بلجيكا في ذلك اليوم. ومع ذلك سارعتُ في الاتصال بالزملاء الإيرانيين القائمين على تلك القضية لأخبرهم بصعوبة الوصول في الوقت المحدد للتشييع والدفن ولأنقل لهم تعازي كافة الزملاء في لجنة التنسيق بدمشق.
وهنا ينبغي علي القول ثانية إن الزمن الطويل الذي مضى على تلك الأحداث هو الذي أوقع الزميل في تلك الإلتباسات التي جاءت في مقالته، حول المرحوم علي مدان، لذلك وللأمانة التاريخية كتبت توضيحي هذا توخيا للحقيقة ولكونه إستدعاني شاهداً على ما حدث قبل أن يتحقق مني حول أمور ذكرها.
هاني الريس
.
No comments:
Post a Comment