Blog Archive

Tuesday, May 26, 2009

قوانين الأمر الواقع

.
.
هل يمكن أن تستطيع سلطة سياسية ما شرْعنة قانونٍ أو منظومة قوانين باستخدام سبيلٍ آخر غير السُبل المتداولة التي تستند إلى توافق الناس على قبول شرعية ربّانية متمثلة في ''حكم الله'' أو توافقهم على قبول شرعية ''التخويل الإلهي'' لحاكمٍ دنيوي أو توافقهم على القبول بالشرعية المدنية التي تقوم على مبدأ سيادة الأمة؟ واستطراداً هل يمكن اعتبار توافق الناس أو قادة الرأي فيهم على ''القبول بالأمر الواقع'' سبيلاً رابعاً لشرعنة القوانين؟ا
.
قبل الإجابة على السؤاليْن لابد من التأكيد على أن السلطة السياسية تستطيع متى تشاء أن تصدر ما تشاء من القوانين. فهذا ما يحدث في كل زمان ومكان، وبغض النظر عن درجة تعقيد الحياة في المجتمع المعني. إلا أن السلطة، مهما كانت قوية ومهما كانت قوى المعارضة لها ضعيفة، لن تستطيع أن تضفي الشرعية على أي قانون إلا عن طريق قبول الناس طوعاً به. ولا يندرج ضمن تعريف ''القبول'' اضطرار الناس إلى التسليم بتلك القوانين تحت ضغط القمع أو التهديد به. فبإمكان القمع أن يفرض التسليم ولكنه لن يعطي الشرعية لقانونٍ تعتبره شرائح كبيرة من الناس ظالماً أو فاسداً. فلا تتحقق الشرعية بالبطشِ. نعم قد يحقق البطشُ الاستقرار لفترة تطول أو تقصر إلا أن الاستقرار وحده ليس دليلاً على الشرعية. ومعلومٌ أن في الاستقرار القائم على البطش يكمنُ خطر يتمثل في انخداع أهل السلطة به فيتمادون فيما يفعلون بينما تتفاعل الاحتجاجات تحت الأرض. أقولُ، استطراداً، أنه لا يمكن شرْعَنة قانون لا تتقبله الناس طوعاً حتى ولو تمكنت السلطة السياسية من فرض تطبيقه لعشرات السنين. ولنا عبرة بما حدث للمرسوم بقانون أمن الدولة الذي صدر في أكتوبر/تشرين الثاني 1974 وألغيَ عشية التصويت على ميثاق العمل الوطني في فبراير/ شباط2001 . رغم سريانه لأكثر من ست وعشرين سنة لم تتقبله الناس واستمر توافق أغلبهم على رفضه واعتباره قانوناً ظالماً
.
.
.
.

No comments: