Blog Archive

Tuesday, May 19, 2009

شرعنة القوانين

.
.

نشرت الصحف المحلية يوم الاثنين الماضي اعتراض وزير الداخلية على تدشين عريضة تناهض التجنيس السياسي في البحرين[1]. وفيه أكد الوزير أن «التجنيس قانوني» مؤيداً بذلك ما ذهب إليه زميلٌ له قال إن «التنصت قانوني». ويمكن العودة إلى عددٍ من التصريحات والبيانات التي توضح، في جملتها، الإطار المفهومي الذي تستند إليه السلطة في البحرين في تحديدها لدور «القانون» في إدارة شؤون البلاد. فهو أداة من أدوات الحكم، وهو أيضاً تعويذة سحرية تستخدمها السلطة لإيقاف محاولات مساءلة ممارساتها.
قلتُ يستحق الوزيران الشكر على صراحتهما في إيضاح أن الإطار المفهومي الذي تستند إليه السلطة في البحرين يعطي الأولوية للقانون حتى لو تعارض مع تصورات الناس لما هو حق وعادل. وحتى لو انتفت الإمكانات الواقعية لتغييره. ومع ذلك فليس في ما قالاه جديد. وليست السلطة في البحرين وحدها التي تعطي الأولوية للقانون على تصورات المواطنين، أو على الأقٌل شرائح واسعة منهم، لما هو حقٌ ولما هو عدلٌ. واستطراداً، ليست السلطة في البحرين فريدة في اعتبارها أن المهمة الأساسية لمنظومة القوانين هي حماية النظام السياسي وضمان إدامته.ا
.
لا خلاف على حاجة الناس إلى القوانين. ولا خلاف أيضاً على أن الالتزام الطوعي بالقوانين يتطلب اقتناع الناس بشرعيتها. إلا أن السجال هو بشأن سبل «شرعنة» القوانين. فمن بين الفرضيات المؤسِّسِة في علم الاجتماع أن كل جماعة بشرية تحتاج إلى منظومة «توجيهات» عامة تضمن استمرار الجماعة وتحكم علاقات الأفراد فيها. وفي الغالب يمكن تصنيف تلك التوجيهات ضمن تراتبية مزدوجة تبيِّن الحلال والحرام وما بينهما. تراتبيةٌ تحدد ما تعتبره الجماعة فرضاً واجباً أو حراماً محظوراً أو أنماطَ سلوكٍ مباحة أو مندوبة أو مكروهة. (فحتى جماعة من أكلة لحوم البشر تحتاج لتلك الأوامر والنواهي لتحديد من يؤكل ومن لا يؤكل). وتزداد الحاجة إلى تلك التوجيهات العامة كلّما ازداد تشابكُ العلاقات ضمن الجماعة وازداد تعقيدُ بنيتها. فمنظومة التوجيهات التي يستلزمها استقرار مجموعة أوّلية مثل العائلة تختلف عن تلك التي يستلزمها تنظيمُ كيانٍ سياسي مثل قبيلة أو ائتلاف قبائل أو دولة. فلا تحتاج العائلة في الغالب إلى أكثر من الأعراف الموروثة لتحديد التزامات كل فرد فيها، علاوة على ابتداع أنماط سلوك تتسق مع تلك الأعراف. أما النظام السياسي مهما كانت درجة تطوره فلا تكفيه الأعراف الموروثة. لهذا تتجه النظم السياسية، كما نعرف من خلال ألواح شريعة حمورابي، إلى تدوين التوجيهات اللازمة لاستقرارها في صورة منظومة قوانين علنية تصدرها وتشرف على تنفيذها هيئات مخوَّلة ضمن جسد السلطة. وبطبيعة الحال، فإن ديْدَن أي نظام سياسي متخلفاً كان أو متقدماً هو استخدام منظومة القوانين المتوافرة لديه كأداة أساسية من أدوات ممارسة الحكم وضمان الاستقرار في المجتمع. ويضيف الماركسيون على هذا أن من طبيعة الأنظمة الطبقية على اختلاف أشكالها عدم الاهتمام بالحق والعدل حين يتعارضان مع مصالح الطبقات المهيمنة. بل وغالباً ما تصبح منظومة القوانين أداةً لانتهاك الحقوق ولإِبطال مستلزمات العدالة. لقراءة بقية المقال أنقر هنا
.
.

No comments: