Blog Archive

Tuesday, June 30, 2009

حـين يصبــح القـانـونُ حمــاراً

.
.
في آخر هذه المجموعة من المقالات أستميح قارئ وقارئة هذه الصفحة أن أكرر إشارتي لعبارة «القانون حُمَار» المشهورة في اللغة الإنجليزية. وهي عبارة تُذكر كلما لجأت السلطة إلى أحد القوانين البالية أو المتعسفة أو المنافية للحس السليم وطالبت الناس باحترام ذلك القانون وما يفرضه عليهم من التزامات. والعبارة تلخص موقفاً يعتبر أن للقانون دوراً رئيساً في الحياة الاجتماعية يتمثل في المساعدة على تحقيق العدالة وإقامة الحق. وحين تعجز نصوص القانون أو تطبيقاته عن القيام بهذا الدور فإنه يصبح مدعاة للسخرية وهدفاً للعصيان. ومعلومٌ أن عبارة «القانون حمار وغبي»التي شاعت منذ أن استخدمها الروائي تشارلز ديكينز في رواية «أوليفر تويست» لا تصف الأحوال القانونية في إنجلترا وحدها. بل هي تترجم مشاعر الكثيرين في مختلف أنحاء المعمورة ممن تتعرض حياتهم ومصالحهم لأحكام قوانين بالية أو لتفسيرات وتطبيقات متعسفة لقوانين لا تتلاءم مع ما شهده ويشهده المجتمع من حراك وما يتطلبه ذلك من تأكيد التوافق الاجتماعي على منظومة القوانين السارية.
لا يحتاج أيٌ منا إلى أكثر من الحس السليم لكي نكرر ما قاله ديكينز حتى وإن لم نسمع به. وبطبيعة الحال يستطيع أيٌ منا متابعة الموضوع والتعمق فيه بما لديه أو لديها من أدوات بحث وتدقيق حتى يتأكد من صحة هذه المشاعر التي تلخصها عبارة ديكينز. أقول يتحول القانون إلى حمار بطرق عدة من بين أقربها إلى الذهن أن تعتبره الناس بالياً لا يراعي تطور المجتمع واحتياجاته. أو حين تعتبره الناس قانوناً ظالماً يثبِّت الفوارق في المجتمع بسبب حمايته لامتيازات تتمتع بها جماعة فيه أو تكريسه للتمييز ضد جماعة أخرى. أو حين تطبقه السلطة على فئات من الناس من دون أخرى. والقانون حمار حين يكون بإمكان السلطة أن تفسره بأشكال تتعارض مع الحس السليم وتخالف الحد الأدنى من أسس العدالة والإنصاف المتعارف عليها في المجتمع
.
.
.

No comments: