Blog Archive

Tuesday, July 07, 2009

متى تكون الدولة فاشلة؟

.
.
صدر في نهاية الشهر الماضي التقرير السنوي الخامس بشأن ''مؤشر الدول الفاشلة[1]''. يعتبر واضعو التقرير أن الدولة تصبح فاشلة إذا ظهر عليها عددٌ من الأعراض. أولها أن تفقد السلطة القائمة قدرتها على السيطرة الفعلية على أراضيها أو أن تفقد إحتكارها لحق استخدام العنف المشروع في الأراضي التي تحكمها. وثانيها هو فقدانها لشرعية اتخاذ القرارات العامة وتنفيذها. وثالثها عجزها عن توفير الحد المعقول من الخدمات العامة. ورابعها عجزها عن التفاعل مع الدول الأخرى كعضو فاعل في الأسرة الدولية
.
يستند هذا التعريف إلى تراثٍ فيبري يرى الدولة تقوم في أرضٍ تحكمها سلطة تتمتع بإحتكار حق استخدام أدوات العنف الشرعية وتتمتع في الوقت نفسه باعتراف شعب تلك الأرض بشرعيتها وباعتراف قسم كبير من الأسرة الدولية. إلا أن التقرير يحاول أيضاً ملائمة التراث الفيبري مع ما أصاب مفهوم ''الدولة'' من تغيرات طوال القرن الماضي. فلم تعد مسؤولية الدولة ولا شرعيتها محصورة داخلياً في قدرتها على حماية وحدة الأرض وتوفير الأمان لسكانها وفي تنظيم العلاقات بين مختف فئاتهم عن طريق استخدامها لحقها في احتكار أدوات القمع والإرغام[2]. بل أصبحت الدولة مسؤولة عن توفير وتنظيم عددٍ كبير من الخدمات الأساسية والتوزيعية التي لا يمكن للسوق ولا لأي طرف اجتماعي آخر توفيرها لجميع السكان بأشكال عادلة. وبطبيعة الحال تندرج الخدمات البلدية والصحية والتعليمية ضمن قائمة الخدمات الأساسية والتوزيعية. كما تندرج مستلزمات إقامة وإدامة أسس التوافق على شرعية الدولة كراعية لمصالح جميع سكان البلاد وليس مصالح فئة أو فئات معدودة منهم. وبالمقابل لم تعد مسؤولية الدولة ولا شرعيتها محصورة خارجياً في الحصول على اعتراف الأسرة الدولية الشكلي بها. بل رأينا كيف تتزايد مستلزمات ذلك الاعتراف الدولي كما تتزايد الالتزامات التي يتطلبها استمرار ذلك الاعتراف في العقديْن الماضييْن. ولهذا رأينا الجميع يسارع لإعلان قبوله الدعوة للإصلاح السياسي والاقتصادي والقانوني. ولم يشذ عن هذا في السنوات العشرين الماضية حتى أكثر الأنظمة قمعاً وانتهاكا لحقوق الناس. فلم تعد الشرعية الدولية مضمونة لمجرد انضواء البلد المعني تحت راية إحدى الدولتيْن العظمييْن كما كان الحال في ظل الحرب الباردة. ولم يعد ممكناً لحاكمٍ أن يكرر ما فعله الرئيس الصومالي الأسبق سياد بري الذي ضمن ''شرعية'' نظامه مرة برفعه الراية السوفياتية ومرة أخرى بالراية الأميركية
.
.
.

.

.


No comments: